خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للشيخ عمر مصطفي
خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للشيخ عمر مصطفي، بتاريخ 27 شعبان 1445هـ ، الموافق 8 مارس 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م بصيغة word بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للشيخ عمر مصطفي
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م بصيغة pdf بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للشيخ عمر مصطفي
عناصر خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م ، بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للشيخ عمر مصطفي.
أولًا: التجارةُ الرابحةُ، ومَن هو الشهيدُ؟
ثانيًا: منزلةُ الشهداءِ عندَ ربِّهِم.
ثالثًا: نماذجُ مِن شهداءِ الصحابةِ رضي اللهُ عنهم.
وأخيرًا: هل تريدُ منزلةَ الشهداءِ؟
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م ، بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للشيخ عمر مصطفي ، كما يلي:
يومُ الشهيدِ وتاريخُ الشهداءِ العظامِ
27 شعبان 1445 هـ – 8 مارس 2024 م
الموضوع
الحمدُ للهِ الذي رفعَ قدرَ الشهداءِ، وجعلَهُم بعدَ استشهادِهِم في زمرةِ الأحياءِ، لا تُحجَبُ أرواحُهُم عن الجنةِ ونعيمِهَا إلَّا لديْنٍ ليس لهُ أداء، والصلاةُ والسلامُ علي سيدِنَا مُحمدٍ سيدِ الأنبياءِ، وإمامِ المخلصينَ الأصفياء، ورضيَ اللهُ عن آلهِ البررةِ الأتقياءِ، وصحابتِهِ الكرامِ الأوفياءِ .أمّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م
أولًا: التجارةُ الرابحةُ، ومَن هو الشهيدُ؟
عبادَ الله: إنَّ بلوغَ الأهدافِ الكبرَى والغاياتِ العظمَى في هذه الحياةِ يحتاجُ إلي تضحياتٍ كبيرةٍ، وإنَّ شرفَ الغاياتِ وسموَّ المقاصدِ يستحقُّ ما يقدمُ مِن تضحياتِ ويأتِي في الذروةِ التضحيةُ بالنفسِ وبذلُ الروحِ التي هي أعزُّ ما يملكُ الإنسانُ في سبيلِ نصرةِ دينِ اللهِ ورغبةً في عزِّ البلادِ وكرامةِ العبادِ .
قالَ تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)(الصف). لمَّا كان اللهُ تعالى بمنِّهِ وكرمِهِ يثيبُ على الإيمانِ والعملِ الصالحِ، شبَّهَ هذا الثوابَ، والنجاةَ مِن العذابِ بالتجارةِ، فمَن قدَّم عملًا صالحًا لقيَ جزاءً رابحًا، ومَن قدّمَ إحسانًا لقيَ جنانًا، ومَن أرضَى مولاهُ أرضاهُ ربُّهُ وكرمَهُ ونعمَهُ فلا تجارةَ أنجحُ مِن هذه التجارةِ، ولا فوزَ أربحُ مِن هذا الفوزِ. ( أوضح التفاسير).
وقالَ تعالَي:(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) (سورة التوبة ).
(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ)، مثّلَ اللهُ إثابةَ المؤمنين على بذلِ أنفسِهِم وأموالِهِم في سبيلِهِ بتمليكِهِم الجنةَ التي هي دارُ النعيمِ والرضوانِ الدائمِ السرمدِي تفضلًا منه تعالى وكرمًا- بصورةِ مَن باعَ شيئًا هو لهُ لآخر- وعاقدُ عقدِ البيعِ هو ربُّ العزةِ، والمبيعُ هو بذلُ الأنفسِ والأموالِ، والثمنُ هو ما لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطرَ على قلبِ بشر، وجعلَ هذا العقدَ مسجلًا في الكتبِ السماويةِ، وناهيكَ بهِ مِن صكٍّ لا يقبلُ التحللَ والفسخَ، وفى هذا منتهَى الربحِ والفوزِ العظيمِ، وكلُّ هذا لطفٌ منهُ تعالى وتكريمٌ لعبادِهِ المؤمنين، فهو المالكُ لأنفسِهِم إذ هو الذي خلقَهَا، ولأموالِهِم إذ هو الذي رزَقَها، ولهذا قال الحسنُ: اشترى أنفسًا هو خلقَهَا، وأموالًا هو رزقَهَا، إلّا أنّه تعالى غنيٌّ عن أنفسِهِم وأموالِهِم والمبيعُ والثمنُ لهُ وقد جعلَهُ بفضلِهِ وكرمِهِ لهُم.(تفسير المراغي).
عبادَ الله: إنَّ الشهيدَ سُمِّي شهيدًا لأنَّ اللهَ ورسولَهُ شهدَا لهُ بالجنةِ وعليهِ فهو شهيدٌ بمعنَي: مشهودٌ لهُ، وقِيلَ لأنَّ روحَهُ تشهدُ الجنةَ قبلَ غيرِهِ، وعليهِ فهو شهيدٌ بمعني شاهد، وقيلَ غيرَ ذلك.
**والشهداءُ ثلاثةٌ:
الأول: شهيدُ الدنيا والآخرةِ: هو مَن قاتلَ لتكونَ كلمةُ اللهِ هي العليا، وهو مَن اعتنقَ الحقَّ وأخلصَ لهُ وضحَّي في سبيلِهِ وبذلَ دمَهُ ليروِي شجرةَ الحقِّ بهِ، وهو الذي يأبَي الدنيةَ ويرفضُ المذلةَ والهوانَ، هو الذي يذودُ عن دينِه وأرضِه ووطنِه وعرضِه ومالِه .
عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»(صحيح البخاري).
الثاني: شهيدُ الآخرةِ: أي لهُ أجرُ الشهيدِ في الآخرةِ قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: (مَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟» قَالُوا: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدة “(سنن أبي داود). والمراد به الشهادةُ الحكميةُ، بمعنى أنَّ هؤلاءِ كالشهداءِ حقيقةً عندَ اللهِ تعالى في وفورِ الأجرِ، ولهذا يغسلونَ ويكفنونَ كسائرِ الموتَى. (شرح سنن أبي داود للعيني ).و المطعونُ هو الذي ماتَ بالطاعونِ، والمبطونُ الذي ماتَ بداءِ البطنِ.
الثالث: شهيدُ الدنيا: هو مَن قاتلَ لغيرِ اللهِ، قاتلَ لأجلِ الدنيا، فهو أمامَ الناسِ شهيدٌ، لكنْ عندَ ربِّه ليس بشهيدٍ، كالمقاتلِ لأجلِ المالِ أو رياءٍ وسمعةٍ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: ” إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، “.(صحيح مسلم).
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م
ثانيًا : منزلةُ الشهداءِ عندَ ربِّهِم.
إنَّ الشهيدَ أرفعُ الناسِ درجةً بعدَ الأنبياءِ والصديقين، فالشهادةُ اصطفاءٌ مِن اللهِ واجتباءٌ، وهي منحةٌ يمنحُهَا اللهُ لأحبِّ خلقِهِ إليهِ بعدَ الأنبياءِ والمرسلين والصديقين، لذلك أكرمَهُم اللهُ بخلالٍ وصفاتٍ منها:
**للشهيدِ عندَ ربِّه ستُ خصالٍ: عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ” لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ: يَغْفِرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ، وَيُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ “(سنن بن ماجة).
**الشهداءُ أحياءٌ عندَ ربِّهِم: قال تعالي : (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)(آل عمران). في هذه الآياتِ فضيلةٌ للشهداءِ وكرامتُهُم، وما منَّ اللهُ عليهم بهِ مِن فضلِه وإحسانِه، و تسليةٌ للأحياءِ عن قتلاهُم وتعزيتُهُم، وتنشيطُهُم للقتالِ في سبيلِ اللهِ، فقالَ: {ولا تحسبنَّ الذين قتلُوا في سبيلِ اللهِ} أي: في جهادِ أعداءِ الدينِ، قاصدينَ بذلك إعلاءَ كلمةِ اللهِ {أمواتًا} {بل} قد حصلَ لهُم أعظمُ مِمّا يتنافسُ فيه المتنافسون. فهم {أحياءٌ عندَ ربِّهِم} في دارِ كرامتِهِ، ولفظُ: {عندَ ربِّهِم} يقتضِي علوَّ درجتِهِم، وقربهِم مِن ربِّهِم، {يرزقون} مِن أنواعِ النعيمِ الذي لا يُعلَمُ وصفُهُ، إلَّا مَن أنعمَ بهِ عليهِم، ومع هذا {فرحينَ بمَا آتاهُم اللهُ مِن فضلِهِ} أي: مغتبطينَ بذلك، قد قرتْ بهِ عيونُهُم، وفرحتْ به نفوسُهُم، وذلك لحسنِه وكثرتِه، وعظمتِه، وكمالِ اللذةِ في الوصولِ إليهِ، وعدمِ المنغصِ، فجمعَ اللهُ لهم بينَ نعيمِ البدنِ بالرزقِ، ونعيمِ القلبِ والروحِ بالفرحِ بمَا آتاهُم مِن فضلِه: فتمَّ لهُم النعيمُ والسرورُ.(تفسير السعدي ).
**تخفيفُ الألمِ عندَ القتلِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ القَتْلِ إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ القَرْصَةِ»(سنن الترمذي). فالشهيدُ لا يُحِسُّ بضربِ السيفِ عندَ قتلِهِ (إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمُ الْقَرْصَةَ) بفتحِ القاف، وسكونِ الراء: المرّةُ مِن القَرْصِ، وهو بيانُ مقدارِ ما يجدُهُ الشهيدُ مِن ألمِ الضربِ بالسيفِ، وفي ذلك تسليةٌ للشهيدِ وبيانُ فضلِ اللَّهِ تعالى وشدّةُ رأفتِهِ بعبادِه الذين بذلُوا أنفسَهُم في مرضاتِه سبحانَهُ وتعالى، حيثُ هَوَّنَ عليهم ألمَ ضربِ السيفِ عندَ قتلِهِم، بحيثُ يكونُ كألمِ الغمزِ بالأصابعِ، أو كألمِ لَسْعِ البراغيثِ، فللَّهِ سبحانه وتعالى الحمدُ والمنّةُ. (شرح سنن النسائي).
**ريحُ دمِهِ ريحُ المسكِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ المِسْكِ» (صحيح البخاري). فأخبرَ أنْ ليس كلُّ مكلومٍ يأتي جرحُهُ، اللونُ لونُ دمٍ والريحُ ريحُ مسكٍ، وإنَّما ذلك لِمَن خلصتْ نيتُهُ وجهادُهُ للهِ، لا لجميعِ المكلومين.(شرح صحيح البخاري لابن بطال).
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م
ثالثًا: نماذجُ مِن شهداءِ الصحابةِ رضي اللهُ عنهُم.
**أنسُ بنُ النضرِ: عَنْ أَنَسٍ، ” أَنَّ أَنَسَ بْنَ النَّضْرِ تَغَيَّبَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: تَغَيَّبْتُ عَنْ أَوَّلِ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ النَّبِيُّ ﷺ، لَئِنْ رَأَيْتُ قِتَالًا لَيَرَيَنَّ اللهُ مَا أَصْنَعُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ، أَقْبَلَ أَنَسٌ، فَرَأَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مُنْهَزِمًا، فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْروٍ، أَيْنَ؟ أَيْنَ؟ قُمْ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ، فَحَمَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا اسْتَطَعْتُ مَا اسْتَطَاعَ، فَقَالَتْ أُخْتُهُ: فَمَا عَرَفْتُ أَخِي إِلَّا بِبَنَانِهِ، وَلَقَدْ كَانَتْ فِيهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ ضَرْبَةً، مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ، وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، وَطَعْنَةٍ بِرُمْحٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] إِلَى قَوْلِهِ {وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] “(مسند أحمد).
**عميرُ بنُ الحمامِ: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بُسَيْسَةَ عَيْنًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ، فَجَاءَ وَمَا فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرِي، وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا اسْتَثْنَى بَعْضَ نِسَائِهِ – فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَتَكَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّ لَنَا طَلِبَةً، فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا، فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا» ، فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِي ظَهْرٍ لَهُمْ فِي عُلُوِّ الْمَدِينَةِ قَالَ: «لَا إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا» فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُؤْذِنُهُ» . فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا [ص:390] السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ» . قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ» قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَّا، رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ: «فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا» . قَالَ: فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ، إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ. قَالَ: ثُمَّ رَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ.(مسند أحمد).
**حنظلةُ بنُ أبِي عامرٍ: قال رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ قَتْلِ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ بَعْدَ أَنِ الْتَقَى هُوَ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ حِينَ عَلَاهُ شَدَّادُ بْنُ الْأَسْوَدِ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” إِنَّ صَاحِبَكُمْ تُغَسِّلُهُ الْمَلَائِكَةُ ” فَسَأَلُوا صَاحِبَتَهُ فَقَالَتْ: إِنَّهُ خَرَجَ لَمَّا سَمِعَ الْهَائِعَةَ وَهُوَ جُنُبٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ “(مستدرك الحاكم علي الصحيحين).
العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م
وأخيرًا: هل تريدُ منزلةَ الشهداءِ؟
قال ﷺ قَالَ: «مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ»(صحيح مسلم ). قال النوويُّ رحمَهُ اللهُ تعالي : وَمَعناه أَنَّهُ إِذَا سَأَلَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ أُعْطِيَ مِنْ ثَوَابِ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ كَانَ عَلَى فِرَاشِهِ وَفِيهِ استحبابُ سؤالِ الشهادةِ واستحبابِ نيةِ الخيرِ.(شرح صحيح مسلم للنووي).
وقال المناويُّ رحمَهُ اللهُ: (مَن سألَ اللهُ الشهادةَ بصدقٍ) قيدَ السؤالَ بالصدقِ؛ لأنّهُ معيارُ الأعمالِ ومفتاحُ بركاتِهَا وبهِ تُرجَى ثمراتُهَا (بلغهُ اللهُ منازلَ الشهداءِ) مجازاةً له على صدقِ الطلبِ، وفي قولهُ منازلُ الشهداءِ بصيغةِ الجمعِ مبالغةٌ ظاهرةٌ (وإنْ ماتَ على فراشِه) لأنَّ كلًّا منهما نوى خيرًا وفعلَ ما يقدرُ عليهِ فاستويَا في أصلِ الأجرِ ولا يلزمُ مِن استوائِهِمَا فيهِ مِن هذه الجهةِ استواؤهُمَا في كيفيتِهِ وتفاصيلِهِ إذ الأجرُ على العملِ ونيتِهِ يزيدُ على مجردِ النيةِ فمَن نوَى الحجَّ ولا مالَ له يحجُّ بهِ يُثابُ دونَ ثوابِ مَن باشرَ أعمالَهُ ولا ريبَ أنَّ الحاصلَ للمقتولِ مِن ثوابِ الشهادةِ تزيدُ كيفيتهُ وصفاتهُ على الحاصلِ للناوِي الميتِ على فراشِهِ وإنْ بلغَ منزلةَ الشهيدِ فهمَا وإنْ استويَا في الأجرِ لكنَّ الأعمالَ التي قامَ بها العاملُ تقتضِي أثرًا زائدًا وقربًا خاصًا وهو فضلُ اللهِ يؤتيهِ مَن يشاءُ.(فيض القدير).
اللهُمَّ اجعلْ مصرَ أمنًا أمانًا سلمًا سلامًا سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ المسلمين، اللهُمَّ احفظهَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنَا مُحمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبه راجي عفو ربه
دكتور/ عمر مصطفي محفوظ
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف